عبء آخر على سكان المخيمات: العواصف الترابية تسلب النازحين خيامهم

حنان سالم

تتفقد ام احمد (60 عاماً) خيمتها الواقعة في مخيم عربت (47 كم شمال مدينة السليمانية)، خشية ان تكون قد أصابها ضرر نتيجة عاصفة ترابية لم تشعر بها اثناء نومها.

تقول وهي تتأكد من ثبات الخيمة “العواصف الترابية زادت همي هماً فأنا امرأة كبيرة في السن واسكن مع ابني الذي يعمل في البناء، ما ان تحدث عاصفة حتى تتضرر خيامنا ونبدأ بترميمها واصلاحها وقد يستغرق ذلك يوماً كاملاً”

حال ام احمد يشبه حال ما يقارب ال 700 الف نازح بواقع 36 الف عائلة من محافظات الرمادي ونينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى الى محافظات إقليم كردستان والذين يسكنون في 26 مخيماً منها (16) مخيماً في دهوك و6مخيمات في أربيل و4 مخيمات في السليمانية.

تزايدت العواصف الترابية في العراق في العامين الأخيرين ليصل عدد الأيام المغبرة إلى 272 يوماً في السنة للعقدينالقادمين مع توقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050.

ويعزوها الخبراء إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر، فالعراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف ال50درجة مئوية.

نساء المخيمات… الأكثر تضرراً

يعمل غالب الرجال القاطنين في مخيمات إقليم كردستان في الاعمال الحرة التي تتطلب الغياب لوقت طويل عن خيامهم، ما يثق كاهل النساء بأعمال شاقة تتمثل بإصلاح الخيام وترميمها ونصبها بعد تعرضها للضرر جراء العواصف الترابية.

تقول ام احمد عن ذلك “اقضي احياناً نهاراً كاملاً في اصلاح الخيمة، لا أحد يعيني فزوجي قتل على يد داعش وابني الوحيد يغادر في الصباح الباكر ليوفر لقمة العيش“.

وتعبر ام احمد عن رغبتها في العودة الى محافظتها الرمادي بعيون ممتلئة بالدموع وصوتٍ تغلب عليه نبرة حزن قائلة “مرت تسع سنوات، لا أستطيع العودة فبيتي تساوى مع الأرض ولا أحد في الحكومة يهمه امرنا. أتمنى العودة حقاً فالحياة هنا متعبة لكن الى اين سأعود”.

منظمة التنمية المدنية (CDO) في السليمانية كانت على تماس مباشر مع النازحين في مخيمات السليمانية وباقي المخيمات، يتحدث أياد حامد من CDO عن تأثيرات التغير المناخي على النازحين في المخيمات قائلاً “ابسط الظواهر الجوية قد تؤثر بشكل كبير على سكان المخيمات، الامطار والعواصف الترابية وحتى درجات الحرارة العالية فقد تنشب نتيجتها حرائق لا يستطيع سكان المخيمات التعامل معها” ويضيف “تتأثر النساء في المخيمات بشكل ملحوظ بالتغير المناخي بسبب انشغال الرجال بكسب لقمة العيش فيقع على عاتقهن اصلاح الاضرار التي تتسبب بها مختلف الظواهر الجوية والتي ابرزها العواصف الترابية”.

توافقه في الرأي حميدة احمد وهي مختارةً لإحدى مخيمات السليمانية وتصف وضع النساء ب “المأساة” في ظل غياب للكثير من الأدوات اللازمة لمواجهة الازمات المناخية.

تقول “تتحمل النساء مسؤولية شاقة بسبب غياب الرجال عن المخيم فترات طويلة اذ تعتني بالأطفال والذين تصيبهم حالات الهلع اثناء العواصف كما تصلح الخيام المتضررة”.

الناشط المدني سعد إسماعيل يرى ان سوء الخدمات أثر على وضع النازحين وبالأخص الفئات الهشة منهم (النساء والأطفال وكبار السن) في ظل التغير المناخي والجفاف.

يقول عن ذلك “أثر التغير المناخي على المواطنين الساكنين في بيوتهم فكيف بالذين يسكنون خياماً، ما زاد الطين بلة هو سوء الخدمات من شحة في المياه والكهرباء كما ان الخيام لا تحمي من العواصف ودرجات الحرارة العالية والامطار ومختلف الأحوال الجوية”

ويشدد إسماعيل على ضرورة غلق ملف المخيمات والنازحين والالتفات الى هذه الشريحة التي وصفها ب “المستضعفة”

تظهر التحديات الناجمة عن التغير المناخي في حياة النازحين في مخيمات إقليم كردستان في ظل اهمال واضح لملفهم وضعف عام في مستوى الخدمات المقدمة لهم

ام احمد وباقي النازحين معها والذين تجاوز عددهم بداية الحرب مع داعش ال 6 مليون نازح، واجهوا نتائج النزاعات والحروب التي تلازمهم حتى الان، لكنهم باتو يواجهون تحديات أخرى انتجها التغير المناخي وموجات الجفاف في ظل اهمال الجهات المعنية لوضعهم.

نشرت هذه المادة الصحفية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *