هكذا أثّر التغير المناخي على الواقع الاقتصادي للمرأة الريفية

عمر عبد اللطيف

تعاني المرأة الريفية في العراق الكثير من المشكلات الحياتية في بيئتها وانها اشد وقعا وتأثيراً من المشاكل التي تعاني منها المرأة الحضرية، رغم تحملها مسؤوليات ومهام حياتية جسيمة موزعة على النشاطات الزراعية والاسرية في ظروف بيئية معقدة يصعب معها في بعض الاحيان توفير الحد الادنى المطلوب من اسس النهوض بواقعها الاقتصادي والاجتماعي.

ويبين الناشط البيئي احمد صالح نعمة ان الجانب المعنوي للمرأة الريفية اختلف بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية. وقال نعمة انه منذ فجر التاريخ والمرأة العراقية بشكل عام والجنوبية بشكل خاص هي ذات مكانة عالية وكبيرة في المجتمع سواء كان في المعبد او القيادة او المجتمع او العمل او الفلاحة وغيرها.

وبحسب صالح، فقد امتد هذا المفهوم الى عصرنا الحالي اذ اخذت دور كبير جدا، لاسيما المرأة الريفية لمعاونة الرجل في الكثير من الاعمال البيئية الحرفية والمهنية، علاوة على ما يقع على عاتقها من واجبات كثيرة من تنمية المجتمع وتربية النشأ الجديد.

واضاف ان المرأة العراقية الجنوبية الريفية بشكل عام تساهم بخلق نوع من الاقتصاد والتنمية المستدامة على اعتبار انها تمارس الزراعة وتربية الحيوانات واستخراج مشتقات الحليب والغزول التي تنتج من الاصواف والجلود وهذا كله يساهم في عملية تنمية اقتصادية مستدامة داخل المجتمع الريفي.

وأكد نعمة ان التغيرات المناخية وشحة المياه غيرت الكثير من المهن المرتبطة بالمياه وتضرر جانب المرأة الاقتصادي بشكل كبير الذي يشجع ويطور من الجانب المعنوي لديها، وصولاً الى مرحلة شحة المياه التي اثرت على النساء والاطفال بشكل كبير، معرباً عن ان امله بأن يكون الشتاء مطريا للقفز من مرحلة الشحة الى الوفرة المائية التي توفر الكثير من المهن والاشغال والاعمال التي تؤهل امرأة لأخذ مكانتها الاجتماعية الحقيقية داخل المجتمع.

اما معاون مدير التغييرات المناخية في وزارة البيئة نغم نبيل فقد اوصت بضرورة ضمان مشاركة ممثلي المجموعات النسائية على مبدأ المساواة في المشاورات مع أصحاب المصلحة فيما يتعلق بتطوير أطر الاستراتيجيات الوطنية وزيادة الوعي وتوفير التدريب للجماعات النسائية فيما يتعلق بالعمل المناخي، والدعم المحلي والدولي للمرأة في مجال مواجهة آثار التغير المناخي، ودمج التأثيرات التنموية المتعلقة بالجندر في برامج تغير المناخ في العراق، والتأكيد على تضمينها في الإطار الاستراتيجي الوطني.

فضلاً عن تطبيق نظام الحصص لدمج النساء في الوظائف الحكومية والمشروعات الصديقة للبيئة، وإتاحة مزيد من المراكز القيادية للمرأة على كافة المستويات داخل القرى والمدن والمحافظات، ومنح مزيد من القروض والتسهيلات الائتمانية للنساء ممن ينفذن مشروعات صديقة للبيئة، ويساهمن في حمايتها بهدف النهوض بواقع المرأة الريفية.

واضافت نبيل انه يجب سن القوانين والتشريعات التي تدعم مشاركة المرأة بشكل فاعل في مواجهة الأسباب الرئيسية لتعرض النساء لأضرار التغيرات المناخية بشكل يتجاوز الرجال يعود إلى العديد من الأسباب وأبرزها الاختلافات في النوع الاجتماعي المتعلقة بكيفية قضاء الوقت وصعوبة الوصول للممتلكات والحصول على القروض، والمعاملة المختلفة من قبل الأسواق والمؤسسات الرسمية وهذا يتضمن الإطار القانوني والتنظيمي، بما في ذلك الملكية المحدودة للأراضي حيث إن 10 – 20% من الأراضي فقط تعود ملكيتها للنساء، بينما أكثر من 50% من العمل الزراعي تقوم به النساء.

واكدت ان هنالك تمثيلاً محدوداً للمرأة في جهود مكافحة التغير المناخي حيث تواجه النساء تحديات في الوصول إلى جميع مستويات السياسات وعمليات صنع القرار، فعلى مدار عقود كان هناك تجاهل للتحذيرات من غياب المساواة بين الجنسين خاصة فيما يتعلق بفرص المشاركة في جهود مكافحة التغير المناخي، وإذا استمر هذا الوضع بالوتيرة الحالية، سيستغرق تحقيق المساواة بين الجنسين في المناصب العليا 130 عاما، بحسب تقرير للأمم المتحدة.

ونبهت الى ان العادات الاجتماعية والموروث الثقافي الذي يفرض قيودا على النساء ويحد من قدرتهن على الحصول على المعلومات والمهارات اللازمة للهروب من المخاطر أو تجنبها خاصة في الدول الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، مثل السباحة وتسلق الأشجار للهروب من ارتفاع مستويات المياه حال حدوث الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة، الأمر الذى يعظم من نسب وفيات النساء عند وقوع كوارث – طبيعية.

واشارت الى ان من ابرز تداعيات التغيرات المناخية على النساء هي الصحة العامة حيث تؤكد أغلب الدراسات ارتفاع عدد الوفيات من الإناث نتيجة لتداعيات التغيرات المناخية بشكل يفوق الرجال وذلك بسبب نقص المعلومات لدى النساء أو ضعف المهارات للتعامل مع التغيرات المناخية أو بسبب تداعيات هذه التغيرات كذلك قد يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى انتشار الأمراض التي تتعرض لها المرأة بشكل أكبر مثل الملاريا وحمى الضنك، وفي بعض المجتمعات تتحمل المرأة مسؤولية جلب المياه والغذاء من أماكن بعيدة حال تعرض موطنهم الأصلي لأحد الكوارث البيئية أو المناخية وهو ما يمثل عبئا كبيرا على صحة المرأة خاصة إذا كانت لا تحصل على الرعاية الصحية والإنجابية الملائمة مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والأوبئة.

وتابعت ان عدم المساواة بين الجنسين مرتبط مع زيادة تأثير التغير المناخي, وإن الهشاشة الكبيرة للمرأة للتغير المناخي تنبع من العادات والتمييز بين الجنسين والذي ينتج عنه التقسيم غير المتوازن لفرص العمل وانخفاض فرص كسب العيش وانخفاض الوصول والسيطرة على الأراضي وغيرها من الممتلكات الإنتاجية، منوهةً الى ان فئات النساء الأكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ والتدهور البيئي هن النساء المسنات، وفي سن الإنجاب والشابات، وذوات الإعاقة، والفقيرات والمعيلات، والأميات، والعاملات في العمالة غير الرسمية والعاملات في الصناعات الزراعية الصغيرة وصيد الأسماك، واللاتي يعشن في المناطق غير الرسمية والمناطق المعرضة لتأثير تغير المناخ.

وبشان تداعيات التغيرات المناخية على النساء، اكدت نبيل تفاقم العنف ضد النساء ففي إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة، فإن 80% من النازحين بسبب التغير المناخي من النساء، مما يجعلهن أكثر عرضة للعنف خاصة أثناء الكوارث الطبيعية والظروف المناخية الصعبة، وتدمير البشر للطبيعة يمكنه أن يغذي العنف ضد المرأة حول العالم، كما يمكن أن يؤدي الضغط الاقتصادي الناجم عن الكوارث وتغير المناخ إلى حالات زواج أطفال وزواج مبكر وزواج بالإكراه.

كما أن المخاطر العارمة التي تهدد الأرض والمياه والكائنات وسبل العيش تؤثر بشكل كبير على النساء، لان التغير المناخي ليس مجرد مشكلة بيئية فحسب، وانما مشكلة تتعلق بالمساواة والعدالة بين الجنسين تتطلب مزيدا الأمر الذي تداركته دول العالم والمؤسسات من الدراسة والتحليل، وتحديد أسباب وتداعيات التغيرات المناخية على النساء وجهود الدولة للحد من تأثيرها على وضع المرأة.

اما مديرة اعلام هيأة الاحصاء ونظم المعلومات الجغرافية في وزارة التخطيط نداء العبد الله فقد بينت ان هنالك 5 تحديات تواجه المرأة الريفية في العراق.

وقالت العبد الله ان ابرز التحديات هي التفاوت في الفرص حيث تعاني من نقص في فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، والعادات والتقاليد حيث تساهم في تقييد دور المرأة وحركتها، وتحد من مشاركتها في صنع القرار، والفقر مما يؤدي إلى زيادة أعباء العمل على المرأة وتقليل فرصها في التنمية، والعنف بما في ذلك العنف الأسري والاجتماعي، مما يؤثر سلبًا على صحتها النفسية والجسدية، وغياب التمثيل السياسي مما يحد من قدرتها على التأثير في القرارات التي تؤثر على حياتها، وتغير المناخ الذي يؤثر سلباً على الزراعة والإنتاج الزراعي، مما يزيد من أعباء العمل على المرأة الريفية.

ورجحت ان تحسين واقع المرأة الريفية في العراق يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، من خلال توفير الدعم اللازم وتنفيذ السياسات المستدامة، بتمكين المرأة الريفية وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق الريفية.

التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *