محمد الباسم
يسعى العراق للحصول على تمويل لتغطية ومعالجة مشكلاته البيئية، وقد حث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية للعراق في التمويل لمواجهة تداعيات تغير المناخ.
الشهر الماضي، أكد السوداني في كلمته خلال “قمة المستقبل” الخاصة بمواجهة التحديات المستقبلية، على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن العراق ملتزم بإرساء مفاهيم العدالة المناخية، خاصة في مجالات مكافحة الجفاف والتصحر وضمان استدامة الموارد المائية والأمن الغذائي، كما أن مواجهة تحديات المناخ تتطلب تعاوناً دولياً فعالاً في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية واتفاق باريس”.
وشدد على ضرورة منح العراق الأولوية في التمويل المناخي، نظراً لكونه من أكثر الدول تضرراً من التغيرات المناخية، ولأن العراق بدأ بالفعل تنفيذ التزاماته المثبتة في وثيقة المساهمات الوطنية، ويقصد هناك محاولات العراق لتخفيض انتاج النفط والاعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى حملات التشجير التي انطلقت خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى تأسيس شبكة متطوعو المناخ.
تشعر السلطات العراقية بالخطر الحقيقي ازاء موجات التردي البيئي، وزيادة أعداد النازحين من مناطق الريف بسبب الجفاف والتصحر ونفوق المواشي، والتوجه نحو المدن، وقد أربكت هذه التغيرات شكل النظام الاجتماعي العراقي خلال الأعوام الماضية، وتحديداً العامين الماضيين.
وأبرز التحديات المناخية في بلاد الرافدين، تتمثل بارتفاع درجات الحرارة والتصحر والجفاف التي تعاني منها غالبية بلدان العالم وأضرارها على البيئة، لذلك ينظر العراق إلى مؤتمر الأطراف COP29، بكونه أداة للتوصل إلى تمويل أو معالجات وابتكارات من بيئات شبيهة ببيئة العراق، خصوصاً وأن الأمم المتحدة، صنفت العراق بأنه من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغيرات المناخية.
المتخصص في بحوث البيئة والتغير المناخي، شكري الحسن، قال إن “أكثر الإجراءات فعالية لمواجهة التغيرات المناخية في العراق ترتبط بالانبعاثات الغازية الناتجة عن الصناعات النفطية”، مشيراً إلى أن “هذه الانبعاثات تساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ، حيث يساهم العراق بجزء من هذه الانبعاثات على المستوى العالمي، والتي تؤثر بشدة على البيئة المحلية”.
وأكد الحسن على أهمية أن “تتخذ الحكومة العراقية إجراءات حاسمة للحد من هذه الانبعاثات، بما في ذلك إيقاف حرق الغاز، وهذا التحدي يجب أن نواجهه بأنفسنا قبل طلب الدعم الدولي، لأنه يهدد بيئتنا وصحتنا العامة”، على حد قوله.
وعلى الرغم من التمويل الذي تقدمه بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة عبر وكالاتها التنموية، لدعم المنظمات غير الحكومية والمشاريع الزراعية والمبادرات المحلية في
مواجهة التغيرات المناخية، لا تزال الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة المخاطر البيئية كبيرة. ويرى خبراء عراقيون، أن الحكومات وحدها لا تستطيع التعامل مع التغيرات المناخية والبيئية بدون تعاون المجتمعات، وذلك من خلال الترشيد في الاستخدام والتوعية بمخاطر هذه التغيرات من أجل الأجيال القادمة.
ووفقاً لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعرض العراق لأكثر من 300 عاصفة رملية في عام 2013، في حين أن عدد العواصف الرملية بين عامي 1950 و1990 لم يتجاوز 25 عاصفة سنوياً. وقد أشار 94% من النازحين في المحافظات الجنوبية إلى ندرة المياه كسبب رئيسي لنزوحهم.
وإلى جانب التمويل الذي ينتظره العراق من مؤتمر المناخ، المقرر انعقاده الشهر المقبل، في باكو، فإن السلطات العراقية تسعى أن تكون الميزانية المالية للبلاد للعام 2025، إلى توفير خاص لوزارة البيئة، لتمويل المشاريع المتعلقة بتغير المناخ.
في السياق، قال الوكيل الفني لوزير البيئة جاسم الفلاحي: “أننا نعمل بالتوازي مع المهمة الرقابية الكبيرة التي يؤديها مجلس النواب من خلال اللجان المتخصصة، وأن انتشار الغازات والأبخرة سببها ازدياد معدلات التلوث”.
وتابع “لدينا سجل كبير وقاعدة بيانات بخصوص الأنشطة الملوثة، حيث نرفع تقريراً سنوياً عن حالة البيئة في العراق وتقارير شهرية بخصوص الانشطة الملوثة والإجراءات وترسل شهريا ودوريا”، وذكر أن “وزارة البيئة تعمل بكل إمكانياتها رغم محدوديتها من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين للشروط البيئية”.
مؤخراً، تم انتخاب العراق لتمثيل المجموعة العربية في المفاوضات الفنية في مؤتمر “بون لتغير المناخ” وخلال الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين القادم، اختارت المجموعة العربية بشأن تغير المناخ عضوين من وفد العراق الدائم للتفاوض بشأن المناخ كممثلين رسميين لموضوعين رئيسيين في المفاوضات: تم اختيار السيدة رغدة طلال الداودي من وزارة الخارجية لتمثيل المفاوضين العرب بشأن تغير المناخ وقضايا النوع الاجتماعي، فيما تم اختيار الدكتور محمد جبار عجرش من وزارة النفط لتمثيل المفاوضين العرب بشأن وقود السفن والنقل البحري.
وسيجمع “مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ” الـ29 (كوب 29) الدول الأطراف في “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”، بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين ونشطاء المناخ وممثلي الشركات والمنظمات غير الحكومية. سيُعقد المؤتمر من 11 إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في باكو، أذربيجان.